****************
****************
****************
****************
****************
****************
****************
****************
****************
أرشيف المدونة
عن المدون
- موقع الشاعرة والقاصة والروائية والكاتبة الصحفية هالة فهمى
- شاعرة وقاصة وروائية وكاتبة صحفية ـ عضو مجلس إدارة اتحاد كتاب مصر ـ عضو نقابة الصحفيين ـ نائبة رئيس جماعة الجيل الجديد الأدبية
المتابعون
يتم التشغيل بواسطة Blogger.
بدون طوابع
8:16 م |
مرسلة بواسطة
موقع الشاعرة والقاصة والروائية والكاتبة الصحفية هالة فهمى |
تعديل الرسالة
بدون طوابع
هالة فهمي
حينما مددت يدي إلى جدى بقرش صاغ .. طالبة منه أن يشترى لي طابع بريد لإرسل خطابا إلى الله.. لم أكن أعرف وأنا ابنة الخامسة من العمر أنه لا حجاب بين الطفل وربه وقد تأكدت لي هذه الحقيقة بعد مرحلة الإدراك.
حكاية رسالتي إلى الله التي نويت أن أكتبها في ذلك الزمن كانت تحمل طلبا إليه بأن يشفي قدمي المعلولة بفعل كسر ألم بها، والتي كلما شكوت منها قالوا لي:
اطلبي من الله الشفاء.
لم يأخذ جدي القرش لشراء الطابع ..بل قبل يدي المدودة مبتسما وقال : إن ووسائل التخاطب مع الله لا تمر عبر البريد بل عليك يا بنيتي أن ترسلي له مطلبك هذا من خلال صلاتك ودعائك .. حينها أدركت أن هناك وسائل إخرى للرسائل غير البريد والبوسطجي.
لكن علاقتي بالصندوق الأحمر وطابع البريد لم تقف عند هذا الحد بل بدأت : فكنت كلما انقضت الإجازة الصيفية وحملني أبي إلى بنها حيث كنا نقيم اشتقت لمهرتي البيضاء في بلدتنا قرية المجد فكنت أخط الخطابات اليومية لها أوصيهم بإطعامها والترفيه عنها .. أوصيهم باللعب معها وتقبيلها .. أوصيهم بكل ما أحبه لها. وكان والدي يحترم مشاعري،فيحرص على إرسال تلك الرسائل والتي كانت تصل إلى جدى واحتفظ بها لسنوات وقد حكى لي انه بكى من احدى الرسائل التي كتبت فيها بخط بالكاد يبين : يا جدى الجو بارد جدا خذ بالك من "فيكتوريا" ودفئها. و"فيكتوريا" هو هو اسم مهرتي .
بكاء جدي لم يكن لرقة مشاعري أو لخوفه على المهرة من البرد .. بل لأنه قرر بيع هذه المهرة الغالية وحرماني منها دون تعمد فقد بيع الخيل جميعه. وقد استمرت رسائلي للمهرة عاما بأكمله حتى عرفت بالجريمة التي اقترفها جدى في حق مشاعري البريئة.
ويبدو أن علاقة الأطفال بالرسائل المكتوبة إلى الله سبحانه وتعالى كثيرة ففي عام 1961 عرض فيلم (رسالة إلى الله )من تأليف عبد الحميد جودة السحار وإخراج كمال عطية وبطولة محمد الطوخي وعزيزة حلمي ونظيم شعراوي وزاهية أيوب.
وتعلقت بالفيلم الذى مس حادث كتابتي أنا الأخرى إلى الله .. وإن تناول الفيلم قصة طفلة صعدت للمئذنة لكي ترسل رسالة إلى الله كي تنطق عروستها وتتكلم معها وتقع العروسة وتتحطم وتصاب الفتاة بشلل نفسي نتيجة تحطم عروستها التي تحبها . ويقوم والد الفتاة بنشر الرسالة في الصحيفة وتشفى البنت بعد أن تتزوج وتنجب فتتعلق بالحياة.
هكذا تعددت الرسائل التي بدون طوابع والتي لم تحملها البوستة ومنها قصة "ريم" الفتاة التي نشر موقع مكتوب حكايتها والتي أكدت الأم راوية تلك القصة صدقها حيث تقول الأم : أكتشفت حالة من الشفافية بين ابنتي وربها .. فقد كنا نعيش معا فترة عصيبة بسبب مرض الأب فكانت تتلهى عنا بكتابة مذكراتها وهي الطفلة الصامتة التى لا تحاول التعبير عن حزنها .. وذات يوم دعت ابنتي أن تلد قطتها قططا كثيرة ولا تموت القطط الصغيرة .. وكانت القطة حاملا وفعلا ولدت قططا كثيرة ولم تمت. مرة أخرى كتبت في مذكراتها رسالة تطلب فيها من الله أن يموت كلب إسلام جارنا لأنها تخاف منه .. بعدها بأيام قليلة مات الكلب بشكل غير متوقع. مرة أخرى كتبت : يارب الزهور تنبت بسرعة وتكبر كي أهدى استاذتي زهرة جميلة .. وأثمرت الزهور وأخذت الزهرة من شرفتها وهى سعيدة وذهبت للمدرسة وهناك لقيت ابنتي حتفها حيث وقعت من شباك المدرسة في الدور الرابع.
صدمني موتها صدمة كبيرة وكنت كلما قرأت هذه الرسائل اتعجب متسائلة : لماذا لم تدعو الله أن يشفي والدها رغم أنها كانت تتألم في صمت له!!
بعد أسبوع من موتها سمعت الخادمة صوتا في غرفتها ولم نكن نفتحها منذ ماتت .. هرولت مع الخادمة للغرفة لنجد تبلوه آية الكرسي المعلق على الحائط والذي كانت ابنتي تحفظ منه الآية وتتلوها كل ليلة قد وقع ووجدنا خلفه رسالة بطول البروازمكتوب عليها: يارب أموت أنا وبابا يعيش!!
طرائف بريدية
هناك العديد من طرائف البريد تحفظها ذاكرتي منها طرفة تتعلق بي فقد سافر زوجي وهو طالب في كلية الطب أنذاك إلى سويسرا وأرادت شقيقته الصغيرة أن ترسل إليه رسالة فلم تكتب على الظرف إلا اسمه واسم الدولة فقط وبدون طابع والطريف هو أن الرسالة وصلته .. وهذا ليس لعبقرية في البريد السويسرى وإنما لنظام تتبعه الدولة هناك وهو التأمين على كل الطلاب الذاهبين سياحة أو للعمل أو للدراسة .. بحيث يسهل الوصول إليهم وهذا إجراء يتم فور دخول الزائر لأرض المطار وهكذا عُرف عنوانه ومكان سكنه وأرسلت إليه الرسالة.
الطرفة الثانية والتي أشهد عليها والتي اتبع فيها البريد المصري المثل الإنجليزى " أن تصل متأخرا خيرا من ألا تصل ابدا" فقد جاءت إلى فتاة منهارة للأسباب الأتية.. أنها خطبت لشاب مسافر في أحد الدول العربية وبعد فترة انقطعت أخباره عنها ولأنه يعيش مع والديه هناك لم تجد من تسأله والأقارب لا يعرفون سببا لإنقطاع الرسائل .. استعدت الفتاة للزواج وقالت لعل هذا طبعه ، وعند التاريخ المحدد لعودته في الأجازة الصيفية والتي من المفروض أن يتزوجا فيها وجدته عائدا ولكن مع عروس أخرى .. وعرفت أنه أرسل لها رسالة يعتذر منها ويفسخ الخطبة .. ولم تصلها الرسالة إلا بعد عودته بشهر ونصف وقالت الفتاة وهى منهارة مازلت أحبه وأحلم بالزواج منه.
للبريد طرائف عديدة ولعلي أدعو القائمين على الملتقى إلى جمعها بين دفتي كتاب يحمل عنوان أجمل الطرائف والتي منها قصة الصبي الصغير "فوجان فيرتون" والذى كان يفتش في أوراق قديمة للعائلة وأثناء بحثه وجد طابعا للبريد لا يعلم شيئا عن حقيقته فباعه إلى أحد هواة جمع الطوابع وهو الكونت النمساوى "فيلب فيراركى" بسعر ستمائة دولار .. بعد موت الكونت تم بيع مجموعة طوابعه ومن ضمنها هذا الطابع الذي اشتراه هاو أمريكي وعرضه في "كتالوج" عالمي بمبلغ خيالي وبالتالي عرض للبيع في مزاد علني .. واشتراه تاجر ياباني بمبلغ مليوني دولار وبعد أن اشتراه ودفع المبلغ وحصل على الطابع ، قام بتمزيقه وحرقه وسط دهشة الحاضرين!! فلماذا فعل ذلك ؟
مؤكد ليس جنونا أصاب الرجل !! الحقيقة كانت أن هذا التاجر لديه نفس الطابع وعندما حرق الطابع الأخر كان لهدف هو أن يكون الطابع الذى معه هو الوحيد في العالم .. وبالتالي ارتفعت قيمته من مليوني دولار حتى وصل إلى سبعة عشر مليون دولار في المزاد نفسه.
هذه طرائف البريد والطوابع والرسائل ، ومؤكد هناك لكل منا طرفته وحكايته عن البريد بطابع أو بدون طابع.